[b]
توبة فتاة في روضة القرآن
أنا طالبة في المرحلة الثانوية، وكنت مغرمة بمشاهد (التلفزيون).. كنت لا أفارقه لحظة.. لا أترك مسلسلاً ولا برنامج أطفال ولا أغنية ولا تمثيلية إلا وأشاهدها، فإذا ما جاء برنامج ثقافي أو ديني فسرعان ما أغلق الجهاز، فتسألني أختي: لم فعلت ذلك؟! فأجيبها بخبث محتجة بكثرة الواجبات المدرسية والمنزلية، فتقول لي: الآن تذكرت الواجبات؟! أين كنت عند مشاهدتك لتلك المسلسلات والأغاني والبرامج التافهة؟! فلا أرد عليها.
أختي هذه كانت بعكسي تماماً.. منذ أن علمتها أمي الصلاة لم تتركها إلا لعذر، أما أنا فلا أحافظ عليها، بل لا أكاد أصليها إلا في الأسبوع مرة أو مرتين.
لقد كانت أختي تتجنب التلفاز بقدر الإمكان، وقد أحاطت نفسها بصديقات صالحات يساعدنها على فعل الخير، وقد بلغ من صلاحها أن خالتي لما أسقطت طفلها وهي في المستشفى وكانت في غيبوبة، رأت أختي وهي تلبس ملابس بيضاء جميلة وهي تطمئنها، فاستيقظت خالتي وهي سعيدة مطمئنة القلب.
كانت دائماً تذكرني بالله وتعظني، فلا أزداد إلا استكباراً وعناداً، بل كانت ساعات جلوسي أمام التلفاز تزداد يوماً بعد يوم، والتلفاز يتفنن في عرض أنواع المسلسلات التافهة والأفلام الهابطة، والأغاني الماجنة التي لم أدرك خطورتها إلا بعد أن هداني الله عز وجل، فله الحمد والشكر.
كنت أفعل ذلك كله وأنا في قرارة نفسي على يقين تام من أن ذلك حرام، وأن طريق الهداية واضح لمن أراد أن يسلكه، فكانت نفسي كثيراً ما تلومني، وضميري يعذبني بشدة، لا سيما وأن الأمر لم يكن مقتصراً على ارتكاب المعاصي بل تعداه إلى ترك الفرائض.. لذا، كنت دائماً أتجنب الجلوس بمفردي، حتى عندما أخلد إلى النوم والراحة فإني أحاول أن أشغل نفسي يكتاب أو مجلة حتى لا أدع مجالاً لتوبيخ النفس أو تأنيب الضمير.
وظللت على هذه الحال مدة خمس سنوات حتى كان ذلك اليوم الذي اختار الله لي فيه طريق الهداية.
كنا في إجازة نصف السنة، وأرادت أختي أن تلتحق بدورة في تحفيظ القرآن الكريم بإحدى الجمعيات الإسلامية، فعرضت عليَّ أن أذهب معها، فوافقت أمي ولكني رفضت.. بل رفضت بشدة، وأقمت الدنيا وأقعدتها، وقلت بأعلى صوتي: لا أريد الذهاب.. وكنت في قرارة نفسي عازمة على العكوف أمام ذلك الجهاز الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي العابثة.. فما لي ولحلقات تحفيظ القرآن..
حب الكتاب وحب ألحان الغناء *** في قلب عبدٍ ليس يجتمعان
وحضر أبي.. فشكوت له ما حدث، فقال: دعوها، ولا تجبروها على الذهاب واتركوها على راحتها.
وكانت لي عند أبي معزة خاصة لأني ابنته الوسطى فليس لي سوى أختي الكبرى، وأخي الذي يصغرني بكثير، وقد قال ذلك وهو يظن أني محافظة على صلاتي، ولم يكن يعلم بأن الأمر مختلف جداً.. صحيح أنني لم أكن أكذب عليه حينما يسألني (أصليت؟) فأقول: نعم.. فقد استطاعت أختي أن تخلصني من داء الكذب، ولكن كنت أقوم فأصلي أمامه عندما يكون موجوداً، فإذا ذهب إلى عمله تركت الصلاة، وكان أبي يمكث في عمله من 3 - 4 أيام.
وذات يوم، طلب مني أبي بلطف أن أرافق أختي ولو مرة واحدة، فإن أعجبني الحال وإلا فلتكن المرة الأولى والأخيرة، فوافقت لأني أحب أبي ولا أرد له طلباً.
وانطلقت إلى روضة القرآن...
وهناك.. رأيت وجوهاً متوضئة مشرقة بنور الإيمان، وأعيناً باكية لم تدمن النظر إلى الحرام مثل ما كنت أفعل؛ فتمالكني شعور فياض لا أستطيع له وصفاً.. شعور بالسعادة والرهبة، يخالطه إحساس بالندم والتوبة، وأحسست بأني قريبة من الله عز وجل، فرق قلبي، وانهمرت دموعي ندماً لعى الأوقات التي ضيعتها في غير مرضاة الله.. أمام شاشة التلفاز، أو في مجالس اللغو مع رفيقات السوء اللاتي لا هم لهن إلا القيل والقال.
كم كنت غافلة عن مثل هذه المجالس التي تحفها ملائكة الرحمن، وتتنزل على أهلها السكينة والرحمة والإيمان.
(لقد منّ الله عليّ بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمن، ذقت فيها من نعمته ما لم أذق قط في حياتي.. عشت في ظلال القرآن هادئة النفس، مطمئنة السريرة، قريرة الضمير، وانتهيت إلى يقين جازم حاسم أنه لا صلاح لهذه الأرض، ولا راحة لهذه البشرية، ولا طمأنينة لهذا الإنسان، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة.. إلا بالرجوع إلى الله.
إن الحياة في ظلال القرآن نعمة. نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه). فما أروع العيش في ظلال القرآن.
نعم.. لقد هداني الله عز وجل، وقد كنت أبارزه بالعصيان، وأقدم ما يرضي نفسي على ما يرضيه سبحانه، وما يأمرني به الشيطان على ما يأمرني به الواحد الديان.
باختصار؛ لقد كنت غافلة فأيقظني القرآن.. {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيراً} [الإسراء:9].
واليوم أتساءل:
كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني.. حقاً إنني خجلة من نفسي، وقبل ذلك من ربي، وصدق القائل:
فيا عجباً كيف يعصى الإله *** أم كيف يجحده الجاحدُ
وفــي كل شـيء لــه آيــة *** تــدل علــى أنــه واحــدُ
أتوب إليك ربي، وأستغفرك، إنك أنت التواب الرحيم.
أختي الحبيبة: حلقات تحفيظ القرآن بانتظارك فلا تترددي في الالتحاق بها..
والله يحفظك ويرعاك.
منقول
توبة فتاة في روضة القرآن
أنا طالبة في المرحلة الثانوية، وكنت مغرمة بمشاهد (التلفزيون).. كنت لا أفارقه لحظة.. لا أترك مسلسلاً ولا برنامج أطفال ولا أغنية ولا تمثيلية إلا وأشاهدها، فإذا ما جاء برنامج ثقافي أو ديني فسرعان ما أغلق الجهاز، فتسألني أختي: لم فعلت ذلك؟! فأجيبها بخبث محتجة بكثرة الواجبات المدرسية والمنزلية، فتقول لي: الآن تذكرت الواجبات؟! أين كنت عند مشاهدتك لتلك المسلسلات والأغاني والبرامج التافهة؟! فلا أرد عليها.
أختي هذه كانت بعكسي تماماً.. منذ أن علمتها أمي الصلاة لم تتركها إلا لعذر، أما أنا فلا أحافظ عليها، بل لا أكاد أصليها إلا في الأسبوع مرة أو مرتين.
لقد كانت أختي تتجنب التلفاز بقدر الإمكان، وقد أحاطت نفسها بصديقات صالحات يساعدنها على فعل الخير، وقد بلغ من صلاحها أن خالتي لما أسقطت طفلها وهي في المستشفى وكانت في غيبوبة، رأت أختي وهي تلبس ملابس بيضاء جميلة وهي تطمئنها، فاستيقظت خالتي وهي سعيدة مطمئنة القلب.
كانت دائماً تذكرني بالله وتعظني، فلا أزداد إلا استكباراً وعناداً، بل كانت ساعات جلوسي أمام التلفاز تزداد يوماً بعد يوم، والتلفاز يتفنن في عرض أنواع المسلسلات التافهة والأفلام الهابطة، والأغاني الماجنة التي لم أدرك خطورتها إلا بعد أن هداني الله عز وجل، فله الحمد والشكر.
كنت أفعل ذلك كله وأنا في قرارة نفسي على يقين تام من أن ذلك حرام، وأن طريق الهداية واضح لمن أراد أن يسلكه، فكانت نفسي كثيراً ما تلومني، وضميري يعذبني بشدة، لا سيما وأن الأمر لم يكن مقتصراً على ارتكاب المعاصي بل تعداه إلى ترك الفرائض.. لذا، كنت دائماً أتجنب الجلوس بمفردي، حتى عندما أخلد إلى النوم والراحة فإني أحاول أن أشغل نفسي يكتاب أو مجلة حتى لا أدع مجالاً لتوبيخ النفس أو تأنيب الضمير.
وظللت على هذه الحال مدة خمس سنوات حتى كان ذلك اليوم الذي اختار الله لي فيه طريق الهداية.
كنا في إجازة نصف السنة، وأرادت أختي أن تلتحق بدورة في تحفيظ القرآن الكريم بإحدى الجمعيات الإسلامية، فعرضت عليَّ أن أذهب معها، فوافقت أمي ولكني رفضت.. بل رفضت بشدة، وأقمت الدنيا وأقعدتها، وقلت بأعلى صوتي: لا أريد الذهاب.. وكنت في قرارة نفسي عازمة على العكوف أمام ذلك الجهاز الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي العابثة.. فما لي ولحلقات تحفيظ القرآن..
حب الكتاب وحب ألحان الغناء *** في قلب عبدٍ ليس يجتمعان
وحضر أبي.. فشكوت له ما حدث، فقال: دعوها، ولا تجبروها على الذهاب واتركوها على راحتها.
وكانت لي عند أبي معزة خاصة لأني ابنته الوسطى فليس لي سوى أختي الكبرى، وأخي الذي يصغرني بكثير، وقد قال ذلك وهو يظن أني محافظة على صلاتي، ولم يكن يعلم بأن الأمر مختلف جداً.. صحيح أنني لم أكن أكذب عليه حينما يسألني (أصليت؟) فأقول: نعم.. فقد استطاعت أختي أن تخلصني من داء الكذب، ولكن كنت أقوم فأصلي أمامه عندما يكون موجوداً، فإذا ذهب إلى عمله تركت الصلاة، وكان أبي يمكث في عمله من 3 - 4 أيام.
وذات يوم، طلب مني أبي بلطف أن أرافق أختي ولو مرة واحدة، فإن أعجبني الحال وإلا فلتكن المرة الأولى والأخيرة، فوافقت لأني أحب أبي ولا أرد له طلباً.
وانطلقت إلى روضة القرآن...
وهناك.. رأيت وجوهاً متوضئة مشرقة بنور الإيمان، وأعيناً باكية لم تدمن النظر إلى الحرام مثل ما كنت أفعل؛ فتمالكني شعور فياض لا أستطيع له وصفاً.. شعور بالسعادة والرهبة، يخالطه إحساس بالندم والتوبة، وأحسست بأني قريبة من الله عز وجل، فرق قلبي، وانهمرت دموعي ندماً لعى الأوقات التي ضيعتها في غير مرضاة الله.. أمام شاشة التلفاز، أو في مجالس اللغو مع رفيقات السوء اللاتي لا هم لهن إلا القيل والقال.
كم كنت غافلة عن مثل هذه المجالس التي تحفها ملائكة الرحمن، وتتنزل على أهلها السكينة والرحمة والإيمان.
(لقد منّ الله عليّ بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمن، ذقت فيها من نعمته ما لم أذق قط في حياتي.. عشت في ظلال القرآن هادئة النفس، مطمئنة السريرة، قريرة الضمير، وانتهيت إلى يقين جازم حاسم أنه لا صلاح لهذه الأرض، ولا راحة لهذه البشرية، ولا طمأنينة لهذا الإنسان، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة.. إلا بالرجوع إلى الله.
إن الحياة في ظلال القرآن نعمة. نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه). فما أروع العيش في ظلال القرآن.
نعم.. لقد هداني الله عز وجل، وقد كنت أبارزه بالعصيان، وأقدم ما يرضي نفسي على ما يرضيه سبحانه، وما يأمرني به الشيطان على ما يأمرني به الواحد الديان.
باختصار؛ لقد كنت غافلة فأيقظني القرآن.. {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيراً} [الإسراء:9].
واليوم أتساءل:
كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني.. حقاً إنني خجلة من نفسي، وقبل ذلك من ربي، وصدق القائل:
فيا عجباً كيف يعصى الإله *** أم كيف يجحده الجاحدُ
وفــي كل شـيء لــه آيــة *** تــدل علــى أنــه واحــدُ
أتوب إليك ربي، وأستغفرك، إنك أنت التواب الرحيم.
أختي الحبيبة: حلقات تحفيظ القرآن بانتظارك فلا تترددي في الالتحاق بها..
والله يحفظك ويرعاك.
منقول